أيتها الحياة

موضوع: أيتها الحياة الأربعاء يونيو 15, 2011 8:19 pm

ولــدنا في لحظة سـلام، لحظة تـمَّ الاتفاق فيها بين كــل أطراف النزاع على حــق

هــذا القادم الجديد بالحياة، ولــدنا في لحظة ســلام، وسط الحروب وســط النزاع،

وسط العويل وسط الأنين وسط الخراب، ولدنا فكانت اللحظة لحظة سلام، وصرخنا،

صرختنا الأولى التي لا نتذكرها، صرختنا التي كــانت الصرخة الأولى والأخيرة التي

نالــت الاستحسان، الصرخة الأولى والأخيرة التي بعثت في الأرواح الطــيبة الراحة،

الصرخة الأولى والأخيرة التي أرســلت في اهتزازاتها رسالة الحياة ورسالة السلام.

ثم جئنا.. وعلمونا عندما ندخل على قوم أن نرمي السلام، وقلــنا.. السّلام عليكم..

وبعد السلام.. تــلك الراية البيضاء النقية النــاصعة التي لا يراها إلا الـذين تسري في

أرواحهم صدى صرختهم الأولى، وتدور في أروقة عقولهم فكرة قدومهم، وتتراءى أمام

أعينهم صورتهم الأولى وسط الحفاوة وحسن الاستقبال، راية السلام.. حتى لــو جاء

الوليد ميتاً فهو يجيء في لحظة سلام، فالسلام لا نقيض له ســوى تلك الروح الشريرة

القاتلة، تلك الروح التي لا ترى في الفضاء مكاناً إلا لها، تلك الروح التي لا تستطيع تحقيق

وجودها بآليات شريفة مسالمة تلتزم بقانون البشر كما خُلِقَ مع البشر، لا كما سنَّه الأقوياء.

قانون الظلام.. قانون الإلغاء.

ولدنا في لحظة كان وعينا فيها أكبر من وعينا الآن بآلاف المرات، لدرجة أننا لا نتذكر شيئاً منه،

شيئاً من تفاصيله، شيئاً مـن نقائه، وعي سنعيش عمرنا كله في محاولة تــذكر شذرات منه

دون جدوى.

عبث.. عبث.. عبث.. ندور في أفلاك العبث، نتشارك في لحظات مع العبث، نحاول الانتحار لكن

تثنينا محبة الحياة عن الفكرة، نحاول من جديد، لكن روح الحياة تمنعنا، نعتقد بأننا أدنياء.. لأننا

نعيش، لأننا نستسلم لإغراءات الحياة، لأننــا لا نملك الجرأة على الرحيل، ونعتقد أننا سمينا

دنيانا كــذلك لشــدة دناوتنا ووطاوتنا، نموت فتسمو الأرواح.. هكذا نعتقد.. نمضي عن الدنيــا

السفلى إلى السماء العليا.. لكننا مع ذلك نعيش ونتابع ونحاول أن نكون على أفضل وجه في

هذه الحياة.

جئناكِ أيتها الحياة بكل تواضعنا، لا غازين، ولا فاتحين، ولا كباراً، جئناكِ زواراً، صغاراً، وضعفاء. منكِ

تعلَّمنا الكلام، منكِ تعلمنا الحرب، منكِ تعلمنا السلام، منكِ نمضي عنكِ، وإليكِ نأتي منكِ..

من تراب. نموت ولا نأخذ أي وعد منكِ.. ونحبكِ.. ونموتُ فيكِ.. ونموت من أجلكِ.. لكننا لا نعرف

كيف نعيشكِ.. أيتها الحياة.

لقمان ديركي

جريدة بلدنا 14/6/2011

مشكورة يا الغلااااااا
الـــــــرب يحميــــــــــكي غاليــــــــة ward**

» اذا كانت على قيد الحياة
» همست لي الحياة
» القلب نبض الحياة
» لا تدع الحياة تقول لك game over
» أقوال وحكم من الحياة