- سلمية بلدة تغفو على تخوم الصحراء ، إنسانها أبدع حضارة مدّت عروقها إلى زرقة البحر 00 ومازالت أوابدها تنام تحت الرمال العطشى 0
- سلمية 00 ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان (( سلمية بفتح أوله وثانيه ، وسكون الميم وياء مثناة من تحت ضعيفة 0))
-
- وذكرها أبو الفداء في كتابه تقويم البلدان :
( سلمية من أعمال حمص بلدة نزهة ومياهها قنى ولها بساتين كثيرة ) 0
-أولاً : الموقع :
- تقع سلمية في وسط سورية على رأس مثلث متساوي الساقين تقريبا قاعدته المسافة الفاصلة بين سلمية ومدينة حماه وضلعاه شبه المتساويين هما المسافة بين حماه وحمص من جهة والمسافة بين سلمية وحمص من جهة أخرى 0
* تبعد سلمية مسافة 32 كم شرقي مدينة حماه إلى الجنوب – ومسافة45 كم إلى شمال شرق مدينة حمص 0
* يحدد موقع سلمية بخط العرض 35 درجة شمالي خط الاستواء وخط الطول 37 درجة شرقي غرينتش 0
* مساحتها : 4513.2 كم2
* عدد سكان مدينة سلمية 97000 / حتى / 31 / 12 / 2007
* عدد سكان منطقة سلمية 314000 / حتى / 31 / 12 / 2007
التضاريس : تقوم سلمية في الطرف الغربي من سهل كبير يمتد من جبال البلعاس شرقا إلى جبال عين الزرقاء ونهر العاصي غربا ومن جبال العلا شمالا إلى جبال الشومرية جنوبا0
- المناخ : متوسطي داخلي شبه جاف وبسبب جفاف المنطقة نجد الفروق الحرارية كبيرة ويلطفها نسيم الصيف.
- الرياح : تسود فيها الرياح الجنوبية والجنوبية الغربية وأحيانا تصل الرياح الشمالية والشمالية الشرقية في فصل الشتاء0ويترافق معها موجات الصقيع أحياناً 0
- الأمطار : المعدل السنوي للأمطار حوالي 300 مم سنويا ولقد حفرت السيول مجاري سيليه منحدرة من ثلاث جهات الوادي الشرقي والوادي الشمالي والوادي الجنوبي
- التربة : سلمية ذات تربة غنية امتازت بجودتها وخصبها وقابليتها لزراعة مختلف أنواع الحبوب مثل القمح والشعير والعدس والجلبان و السمسم والفاصولياء و البطاطا والذرة الصفراء والخضروات والبصل والقطن والكرمة والأشجار المثمرة 0
* أنواع التربة في سلمية :
• التربة الصفراء، وهي لحقيه طينية رملية تجمعت في الوديان والمنخفضات رسبتها السيول وهي السائدة.
• التربة الحمراء، بنيّة ويختلط فيها الجص والحجارة الصوانية وهي التربة الموضعية الناتجة عن تحلل الصخور الكلسية وتوجد جنوب وجنوب شرق سلمية 0
• وتوجد التربة البازلتية في شمال سلمية في منطقة العلا 0
ثانيا : سلمية عبر التاريخ :
- سلمية مدينة عريقة في القدم فلقد عرفتها كل الأقوام التي مرت على بلاد الشام . وقد تم اكتشاف أواني منزلية وسهام وأدوات حربية تعود برمتها إلى العصر البرونزي القديم أي حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد 0
- كما عاش في كهوفها الإنسان الحجري بدليل وجود عدد كبير من المغاور على مشارف مجاري الأنهار –( الكافات – تل الدرة – ضهر المغر – المزيرعة- تل التوت)0
- العموريون: أسسوا ثلاث ممالك : مملكة ماري قرب الفرات ومملكة يمحاض قرب حلب ومملكة قطنة (المشرفة) والأخيرة امتدت حتى الضمير والقريتين جنوبا والأندر ين وسلمية شمالا واحتوت وادي العاصي وذلك بين /2000- 1700/ ق.م
- الحثييون: توسعوا إلى يمحاض( حلب ) ورأس شمرا ثم الأندر ين وسهول سلمية الشمالية وذلك حوالي /1388ق.م / وقد أنهى الحثيون مملكة قطنة وبقيت خرابا حتى قدوم القبائل الآرامية 0
- الآراميون: انتشر الآراميون في بلاد الشام في حوالي 1500ق0م ابتداء من البرونز الوسيط مستغلين ضعف الحثيين فبرزت الممالك الآرامية في دمشق وعنجر وحماه وأقام ( زاكير) احد زعماء الآراميين مملكة حماة والتي شملت حوضة سلمية 0 ورافق ذلك بروز قوة في شمال العراق هي القوة الأشورية التي هددت الممالك الآرامية منذ 844 ق0م
- الآشوريون: عندما استقروا في حماه قطعوا أشجار البساتين ودمروا سلمية وذلك عام /720 /ق.م/ على يد شاروكين الأشوري وسقطت سلطة الآشوريين وزال خطرهم بعد عهد( آشور باني بعل ) من 668 ق0م حتى 627 ق0م فاستعادت سلمية حياتها وعمرانها وزراعتها مع قدوم الكلدانيين 0
- الكلدانيون: في عصرهم /612-539ق0م /ازدهر طريق التجارة بين وادي الرافدين وبلاد الشام عبر الرصافة - أسرية - ثم سلمية فازدهرت سلميةوظهرت كإمارة حديثة على غرار ما كان في تدمر 0
- الفرس: في عام 539 ق0م انهارت مملكة بابل الكلدانية على يد قوروش الفارسي (559-529 ق0م ) واجتياح الفرس وادي الفرات فالرصافة ثم وسط بلاد الشام مرورا بحوضة سلمية حتى مصر ، وازدهرت المدن التجارية مثل تدمر – الرصافة - سلمية واستمر الازدهار حتى بعد ضعف الفرس عسكريا في بلاد الشام
- اليونان: شكل الاجتياح اليوناني المقدوني للشرق ردا على تحد الفرس فجاء الإسكندر المكدوني عام 333 ق0م واجتاح بلاد الشام مارا بدمشق ثم حمص عابرا بحوضة سلمية التي استطاب له المقام فيها وأعجب بمياهها ومناخها وقد شبهها بمدينة سلاميس على بحر ايجة من بلاد اليونان 0
- ولأول مرة يرد اسم سلمية بشكل / سلاميس/ على ألسنة اليونان ، واصل التسمية من مصدر ( سلام) في اليونانية القديمة 0
- ويقال أن هنا****بب أخر لإطلاق التسمية لانتصارهم في معركة سلاميس480ق0م التي قادها تيموستوكل ضد الفرس 0
- في كلتا الحالتين قد دلت الدراسات أن سلمية كانت قائمة ومبنية ومزدهرة نظرا لموقعها التجاري المتميز ووجود مؤهلات زراعية في السهول التي تحيط بها من وفرة في الماء وخصب في التربة وملائمة في المناخ 0
- العصر الهلنستي : اهتم سلوقوس ****اتور ببلاد الشام عمرانيا و جعل سورية مركزا لدولته المترامية الأطراف ، جاعلا له عاصمتين الأولى إنطاكية والثانية أفامية وأصبحت سلمية في هذه الفترة إمارة بكل ما فيها من مظاهر الآثار الباقية/ المعبد ( الإمام إسماعيل )– السور - قناة العاشق /
- العصر الروماني: اجتاح الرومان بلاد الشام عام 64 ق0م وتوقفت التجارة بسبب الصراع بين الروم والفرس مما اثر سلبا على تدمر وسلمية وغيرهما ،واستمر الصراع حتى مجيء أغسطس القائد الروماني ، فعقد مع البارثيين ملوك فارس معاهدة سلام ،و بعثت في المدن الخامدة روح الحياة التجارية من جديد و عادت تدمر إلى السطوع ووقعت سلمية والرصافة والاندرين والضمير والقريتين تحت سلطانها
- إنّ جميع الآثار الرومانية في سلمية تشابه أثار تدمر /النقوش- التيجان – الأعمدة/ وخاصة الموجودة في : طاحونة المعبد – خربة فويرة- قرية أم الميال- الشيخ هلال ، والتي تعود إلى مرحلة سيطرة تدمر حيث ازدهرت سلمية وتمتع سكانها بالأمن والاستقرار طيلة العصر الروماني والبيزنطي بعده 0 وبعد اسر ملكة تدمر زنوبيا عام 274 م استبعدت تدمر كمركز للتجارة وهاجر التجار إلى المدن الداخلية ومنها سلمية التي أصبحت عقدة مواصلات مما بعث فيها الازدهار والانتعاش 0
- أولى الرومان سلمية أهمية من الناحية العمرانية من خلال تحويل المعبد من يوناني ( زيوس) إلى معبد روماني للإله جوبيتر و إحضار /12/ عمودا من الغرانيت ( مصر /سيناء أو الأردن ) والاهتمام بالقلاع ومنها قلعة الشميميس و التلال الاصطناعية ومنها : التلال المحدبة القببية – التلال المسطحة الدائرية- التلال المسطحة الدائرية ذات البرج ، وهي تعود إلى عدة عصور حيث وجد في بعض التلال حجارة رسم عليها إشارة الصليب 0
- أولى الرومان حوضة سلمية اهتماما كبيرا في المجال الزراعي من خلال حفر الاقنية وقد وصل عددها إلى/360/ قناة مما حولها إلى منطقة مزدهرة زراعيا وكل ذلك يشكل دليلا على اهتمام الرومان وازدياد عدد السكان ومدى إعمار حوضة سلمية 0 ومما يدل على التقدم الزراعي زراعة الجبال المحيطة بحوضة سلمية بالإضافة إلى سهولها ومنها جبال العلا التي توضعت فيها مدرجات عرضانية ومدرجات طولانية 0
* الفترة البيزنطية المسيحية :
- إن العصر البيزنطي المسيحي لاقى ازدهارا في سلمية فشكلت حاضرة مسيحية ذات اثر في وسط بلاد الشام وقد بلغ عدد الكنائس التابعة لمركز الأبرشية / الإمام إسماعيل حاليا /أكثر من 40 كنيسة /في: الشيخ هلال-العلباوي- القسطل- أسرية- عقارب - علي كاسون – زغرين-/
- كما شكل مزار الخضر / المارجورجيوس/ جبل الخضر - شمال مدينة سلمية ديرا كبيرا بقي حتى الفتح الإسلامي 0
- من أهم المظاهر المسيحية في سلمية هي المنحوتات الحجرية / الصلبان المرسومة على التيجان والأعمدة واللوحات الحجرية وهي على عدة أشكال : صليب قائم – صليب هلالي- صليب مروحي-
- خلال حكم فوكاس البيزنطي 602/610م بدأت الدولة البيزنطية تنهار على يد الفرس الذين دمروا الأماكن المقدسة وحرقوها ومنها سلمية على يد __رى أبرويز 613 م فنهبوا نفائسها الثمينة الذهبية والفضية مما أدى إلى هروب سكان سلمية إلى الجبال فتعطلت الحياة وقطعت الأشجار 0
- وفي مواجهة الأخطار عمد هرقل البيزنطي إلى إرضاء الآفاريين بالجزية حتى يتفرغ لمواجهة الفرس وبدا بأعمال حربية باهرة وهرب __رى من المعركة واتخذت الحرب شكل السجال حتى عام 628م وبدت قوة بيزنطة أرجح في النصر وخرج البيزنطيون منهكين رغم النصر وتدهورت الحالة المادية والمعنوية في ظل ظهور العرب كقوة ناشئة 0
* سلمية في العصور الإسلامية :
- بعد ظهور الإسلام بدأت حروب التحرير العربية والفتح الإسلامي وانهارت القوى الفارسية والرومانية وانتشرت مبادئ المساواة والأخوة والرحمة والعدل، وتم تحرير بلاد الشام من الروم 0
- لم يكن لسلمية آنذاك أي وجود فوق الأرض ، لقد نالها التدمير والتخريب إبان الغزو الفارسي ومروا في رحابها باتجاه معرة النعمان بعد المرور بجب الجراح ( نسبة إلى أبي عبيدة بن الجراح ) فوجدوا في حوضة سلمية المياه التائهة وبقايا مدينة وحضارة تمتد في عمق التاريخ0
- إن تجديد بناء سلمية في العصر الإسلامي كان بين عامي( 752 م135هـ / 762م145هـ أي في عهد الخليفتين العباسيين المنصور والمهدي 0
- وهنا يوجد سؤال : هل عبد الله بن صالح العباسي بانيها ومجددها أم أهل المؤتفكة فقد جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي قوله عن سلمية :
( سلمية قرب المؤتفكة التي نزل بأهلها العذاب ولم يسلم منها ( أي المؤتفكة) سوى مئة نفس فنزحوا إلى سلمية ، فعمروها وسكنوها فسميت ( سلم مائة ) ثم حرف الاسم إلى سلمية ، ثم أن عبد الله بن صالح ابن عباس اتخذها منزلا وبنى هو وولده فيها الأبنية ، وفيها (المسجد ذو المحاريب السبعة )
* وهناك من يقول أن ياقوت الحموي اخطأ من حيث أصل التسمية 0
- وأكد البلاذري في فتوح البلدان هذه الرواية وفي الحقيقة إن معمري سلمية هم أهل المؤتفكة ولكن الذي أشهر المدينة فيما بعد هو عبد الله بن صالح العباسي 0
وأهل المؤتفكة هي قبيلة عربية رحلت إلى بلاد الشام في أعقاب الفتح الإسلامي من الجنوب الغربي وجابوا بلاد الشام بوصفهم عربا رحلا ، وقعوا على ينابيع حوضة سلمية فأقاموا لهم بيوتا في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز ولكن القدر لم يسعدهم ، إذ ألم بهم سيل ماء قلب بيوتهم وسلم منهم عدد ليس بالكثير ورحلوا إلى خرب قريبة من قريتهم المدمرة وأطلق عليها فيما بعد سلمية وكان ذلك في أواخر العصر الأموي ولما جاء العصر العباسي لم يهتموا بها حتى إذا مر بها عبد الله بن صالح العباسي سكنها وأشهرها كمدينة تجارية 0
إشتهار سلمية :
- بعد أن سكنها عبد الله بن صالح العباسي وأقام فيها سوقا في وسط المدينة ( قلعة سلمية المهدمة ) اشتهرت سلمية كمدينة تجارية 0
- جاء في تاريخ الطبري : ( زار الخليفة العباسي المهدي عبد الله بن صالح في سلمية عام 163 هـ ، وكان في طريقه إلى بيت المقدس ، فأعجب بها ، وتجمع فيها بعد ذلك لفيف من أقرباء عبد الله بن صالح من العباسيين والهاشميين )
- ثم لاقت سلمية استحسان الدعاة لمناخها الجيد ولبعدها عن مركز السلطة وأهميتها التجارية فحل فيها الإمام عبد الله بن محمد الوفي ثم أصبحت سلمية مركزا مهما للإمام وللدعاة وكذلك لعلماء إخوان الصفاء وخلان الوفاء أصحاب الرسائل الذين نشروا فيها فلسفتهم المادية والمعنوية والروحية والدينية كما خرج منها مؤسس الدولة الفاطمية عبد الله المهدي وقام ببناء الم
وقد بنى الخليفة المعز لدين الله القاهرة وعلى أساسها يقال (سلمية أم القاهرة).
- لقد تعرضت سلمية في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري لهجوممن أحد قادة القرامطة في جنوبي العراق نتيجة لصراعه مع قادة القرامطة الآخرين علىزعامة الحركة القرمطية ونتيجة لفشله في الحصول على تأييد الإمام محمد المهدي لتزعمهالحركة. شن هذا الهجوم بعد مغادرة الإمام المهدي سلمية فنهب المدينة وأحرق بعضمبانيها وقتل من قتل من سكانها وذلك عام 291 هـ0
- في أواخر القرن الثالث الهجري أحاقت بسلمية كوارث وأحداث جعلت منها مدينة مدمرة وهجرها أهلها لعدم توفر الأمن والاستقرار 0
جاء في تاريخ العرب والإسلام للدكتور حسن إبراهيم حسن : إن محمد بن طغج الإخشيدي نال الحظوة عند الخليفة العباسي فعينه قائدا للجند في مصر ثم واليا على عمان وجبل الشراة لحماية طريق الحج ، وبعد موت تكين اسند إليه ولاية مصر والشام ( حمص- حماه – حلب) وأصبحت سلمية تابعة لولايته ( مدينة مدمرة 00) وعندما انشغل الإخشيد بالحرب مع الفاطميين الذين ظهروا على حدوده الغربية ، قام الحمدانيون وعبروا شمالي بلاد الشام واستقروا في حلب /332/هـ فأصبحت بلاد الشام قسمين الشمالي للحمدانيين والجنوبي للإخشيد 0
الفترة الحمدانية: عند توسع سيف الدولة الحمداني إلى الجنوب اجتاح سهول حماه وحوضة سلمية فانتعشت وأصابها فسحة من التقدم خاصة بعد أن أصبحت تابعة لحمص .
قال الشاعر أبو الطيب المتنبي بعد اجتياح قوات سيف الدولة سهول حماه وحوضة سلمية
فاقبلها المروج مسومات ضوامر لا هزل ولا شيار
تثير على سلمية مسبطرا تناكروا تحته لولا الشعـــار
- عادت المنطقة الوسطى من بلاد الشام مسرحا لعمليات حربية بعد موت الإخشيد محمد وتعيين كافور وصيا على ابنه أبي القاسم أنجور -339هـ 950م ثم استقرت بعدها للحمدانيين بعد أن عاد كافور إلى مصر 0
- بعد وفاة سيف الدولة 356 هـ/966م حدث انقسام أدى إلى انهيار الحكم الحمداني 0وكانت سلمية تتأرجح بتبعيتها حسب الأحداث بين الأمراء الحمدانيين في حمص وبين المتسلطين على الحكم في حلب 0
- عاد لسلمية بعض انتعاشها وحيويتها في ظل الدولة الفاطمية ، بعد أن أمر الخليفة العزيز بالله الفاطمي بتشييد مدفن جديه تقي محمد ورضي الدين عبد الله ( الإمام إسماعيل )
- بعد وفاة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله 428هـ/1036م أعلن خلف بن ملاعب إمارته على حمص وتوابعها مستغلا الأحداث والخلافات ، وغدت سلمية تحت إمرته ثم ضم حماه وشيزر 0
- وعندما داهم خطر السلاجقة بلاد الشام قام الفاطميون بتدعيم سلطانهم على بلاد الشام وعادت لهم من جديد والتي لم تستمر طويلا بسبب الخلافات الجديدة ومن نتائجها انشطار الدعوة إلى شطرين وضعف الدولة الفاطمية مع قدوم السلاجقة الذين احتلوا بلاد الشام سنة 470هـ 1077م وأصبحت سلمية تحت إمرة تاج الدولة السلجوقي بعد خسارته حلب واستقراره في حمص وامتداد سلطانه إلى حماه و أفاميا 00
- الفترة الزنكية: عند سيطرة الصليبيين على الشام قاومهم نور الدين زنكي فتقدم من حلب إلى معرة النعمان، ثم حماه، فحمص وأصبحت سلمية تابعة له ولقد جعل قلعتي سلمية خطا للدفاع ومركزا للتموين 0ولقد ازدهرت سلمية في مرحلة الزنكيين وخاصة حين رمم نور الدين زنكي سور سلمية القديم وعمق الخنادق المائية التي تحيط به ، وأقام أبراجا دفاعية 0على الأسس نفسها التي وضعها اليونان قبل الميلاد0
* الفترة الأيوبية :
- بعد وفاة نور الدين زنكي أصبحت الشام مسرحا لازمات داخلية من خلال الصراع على السلطة وكذلك الخطر الخارجي المتمثل في الفرنجة وفي هذه الظروف كان صلاح الدين الأيوبي قد أسدل الستار على الحكم الفاطمي في مصر وبدأ ت تظهر إدارته العسكرية الناجحة فيها0
وتوجه بعد ذلك إلى سيناء ووصل الكرك وبصرى الشام ثم دمشق واستخلف فيها سيف الإسلام طغتكين بن أيوب وتابع سيره شمالا إلى حمص وحماه وسلمية ثم حلب ، حتى انه صد عنها ، واضطر للعودة إلى حمص وحماه ليحارب الفرنجة ويهزمهم 0
ثم وقعت معركة بين قوات عماد الدين زنكي والملك الصالح وبين قوات صلاح الدين الأيوبي في أطراف حماه من الشرق بالقرب من سلمية وانتصر صلاح الدين وتم عقد صلح مع الزنكيين ولكنهم نقضوا الصلح ، فجهز صلاح الدين جيشا وانتصر عليهم للمرة الثانية في عام 571هـ /1175م وتوسع بعدها حتى حلب 0
- وبعد معركة طاحنة مع الفرنجة في عسقلان 573هـ /1177م وهزيمة جيش صلاح الدين أصبحت حماه و سلمية تحت إمرة شهاب الدين الحارمي ( خال صلاح الدين الذي رحل إلى مصر بعد الهزيمة )
- حاصر الفرنجة مدينة حماه المتحصنة وطلب شهاب الدين الحارمي المساعدة من القوات المتمركزة في سلمية من اجل فك الحصار عن حماه ، فخرجوا ومعهم بعض شيوخ البدو فتراجع الفرنجة 0
- وجاء صلاح الدين إلى بعلبك وحارب الفرنجة بين طبرية وصفد 574هـ/1178م وعاد إلى مصر ليسوي بعضا من أحوالها ، ومكث فيها حتى عام 578هـ /1182م ، حيث عاد إلى الشام ليصول مع الفرنجة حربا وصل بها إلى سنجار و آمد ثم عاد إلى حلب وعنتاب وخاض بعدها معركة حطين 583هـ /1187 م وحرر القدس من الفرنجة ، وعاد إلى دمشق ومات فيها0
- بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي كثرت المنافسات والمؤامرات بين ورثة دولته وكادت تصل إلى حد الحرب والاقتتال وبالنسبة لسلمية فقد اتخذها المعظم عيسى بعد فشله في السيطرة على حماه حيث كان أخوه الناصر فيها ، فاستفاد من خيرات سلمية ومحاصيلها طيلة أيام حربه مع أخيه ، ونتيجة اعتراض أخوته على تصرفاته ضد أخيه الناصر ، ارتحل إلى معرة النعمان بعد أن وضع المظفر ممثلا عنه في سلمية 0
- ظهر أبناء الملك العادل بشكل تكتلات الواحدة ضد الأخرى وكان الملك الكامل يريد امتلاك الشام فنزل مجمع المروج قرب سلمية ، ثم دخلها لتكون مقرا يهاجم منها حماه ، وانضم إليه شيركوه صاحب حمص 0 واستسلم أخوه الناصر ولكن الجند نصّبوا عليهم المعز بن الملك الناصر ، ولم يستطع جمع الملك الكامل مهاجمة حماة وإنما سلخوا سلمية عنها 0
- وأسندت إدارتها إلى شيركوه صاحب حمص عام 625هـ /1221م ومنذ ذلك العهد غدت سلمية وتوابعها لأمير حمص دون حماة 0الذي أقام التحصينات وقوى الأسوار والأبراج وجدد بناء قلعة شميميس في مواجهة غزو البدو من جهة والأعداء الكامنين في حماه من جهة ثانية لأن من يمتلك هذه القلعة يكون بيده مفتاح بادية الشام 0
- عارض المظفر صاحب حماة شيركوه ملك حمص لبنائه القلعة وحاول منعه ثم تركه بعد أن علم أن البناء كان بأمر من الملك الكامل صاحب مصر 0
- استاء الملك الكامل من استلام الملك الصالح إسماعيل دمشق بعد وفاة الأشرف صاحب دمشق فجاء بقواته لاسترجاع دمشق ، وهنا تحصن الملك الصالح إسماعيل داخل أسوار المدينة واستنجد بشيركوه في حمص ، فساعده ، ولكن الكامل سحق هذه القوات وعاقب الكامل شيركوه بان أعطى سلمية وما حولها للملك المظفر صاحب حماه 0
- قام المظفر بالاهتمام بسلمية لترفد حماة فأمد لها قناة مائية تسقي بساتين حماه والسهول الشرقية منها وهي جزء من قناة العاشق 0
- بعد وفاة الكامل انتهز شيركوه الفوضى وهاجم سلمية واستعادها و طبق عقوبات مختلفة ضد
- المظفر صاحب حماه ومنها قطع القناة المائية وجعل مصبها في نهر العاصي ، وسعى لبناء سد على بحيرة قطينة وتوقفت النواعير وأصاب البساتين الجفاف وتدهور الوضع الاقتصادي 0
- بعد وفاة ملوك البيت الأيوبي الكبار تفاقمت الخلافات وظهرت قوة جديدة على مسرح الأحداث ومنها الخوارزمية ( هم عسكر جلال الدين منكبرتي احد ملوك أواسط آسيا ) التي نشرت الرعب في بلاد الشام 638هـ/1240م وفي إحدى المعارك انهزم الخوارزميون قرب معرة النعمان حيث تصدى لهم الصالح إسماعيل صاحب دمشق ومعه إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص ولاحقتهم القوة الأيوبية المهاجمة من شيزر ثم من حماه ، وذهبوا إلى سلمية فخربوا جزءا من سورها ونهبوها ثم اتجهوا نحو أسرية والرصافة فالرقة وساعد في ذلك جموع البدو ، فخاف الخوارزميون من وقوعهم بين البدو والحلبيين ، فتخلوا عن الغنائم وأطلقوا سراح الأسرى ، وعلى ضفاف الفرات لحقهم الحلبيون وهزموهم 0
- خرجت سلمية للمرة الثانية من ملك حمص إلى الملك المنصور صاحب حماة0
- أما قلعة شميميس فقد تسلمها الملك الصالح أيوب من الأشرف صاحب حماه مما أساء إلى الحلبيين ، فسير ملكهم الناصر حملة بقيادة شمس الدين لولو الأرمني ، حاصرت الأشرف في حمص ، فسلمهم قلعة شميميس وصعب الأمر على الملك الصالح أيوب ، وكان في مصر ، فسار إلى دمشق ، ووصل حمص ، ولكنه تراجع إلى مصر بسبب مهاجمة الفرنجة لمدينة دمياط 0
- بعد وفاة الملك الصالح أيوب في مصر عام 647هـ /1249م انسلخت مصر ، وترافق ذلك مع قدوم هولاكو التتري الذي دمر بغداد 656هـ /1258م وقضى على الخليفة العباسي وتابع باتجاه الجزيرة الشامية 0 وحاول الملك الناصر يوسف صاحب دمشق التقرب من هولاكو وخاصة انه أوقع نفسه بين نار التتار ونار المماليك فاضطر للهرب واحتمى بأسوار دمشق 0
- وانهزم الحلبيون وعلى رأسهم الملك المعظم توران شاه أمام التتار الذين تابعوا باتجاه إعزاز، وطلب الملك الأشرف صاحب حمص من هولاكو الأمان فكان الشرط هو تخريب قلعة حمص وأسوارها وقلعة حماه ونالت سلمية المعاملة نفسها بتخريب سور المدينة وسور القلعة 0
- تابع هولاكو باتجاه دمشق وصيدا وحوران والخليل حتى وصلت قواته إلى غزة 0وهنا بدأت الحشود في مصر بقيادة السلطان المظفر قطز وكانت معركة عين جالوت وتحقق الانتصار على التتار
- وأصبحت سلمية إمارة مستقلة لأمير البدو مهنا بن عيسى لأول مرة طيلة العصر الإسلامي وانسلخت عن إمارة حمص وحماة وغدت مطمع أمراء البدو يتنافسون على حكمها ، ويتقاتلون من اجلها ونتيجة عدم الاستقرار هاجر سكانها خوفا على أنفسهم ومالهم ، وتحولت سلمية إلى مراعي لعدم وجود من يزرعها 0
- بعد مقتل الملك قطز على يد بيبرس استغل التتار ذلك وعبروا الفرات وهاجموا حلب ثم إعزاز وحارم واشرفوا على حماه وجرت معركة قرب الرستن بين صاحب حمص والتتار فانهزم التتار وسار بعضهم إلى أفاميا وبعضهم الآخر إلى الشرق مارا بسلمية إلى أسرية فالرقة 0
- وفشل التتار مرة ثانية و ثالثة في فرض سلطانهم على الشام فحاولوا الاستئثار بالشام كخطوة تتبعها خطوات 0
- اعتلى الملك الظاهر بيبرس سلطنة مصر والشام في ظروف غاية في الصعوبة ، من جهة التتار ومن جهة ثانية الفرنجة وبعد عدة معارك غدا الوجود الفر نجي في بلاد الشام ضامرا هزيلا ، وبعد ذلك توجه إلى التتار ونازلهم في معركة فاصلة 0
- بعد وفاة الملك الظاهر بيبرس 676هـ /1277م استلم ابنه بركه ولقب بالملك السعيد ، وقام قادة الجند بخلعه وعينوا أخاه بدر الدين سلامش ولقب بالملك العادل وعمره سبع سنوات 0 وكان وراء ذلك الأمير قلاوون الذي لقب نفسه سلطانا 0 ولكن منافسه الأمير سنقر الأشقر أعلن وقوفه مع بركه الملك السعيد ولقب نفسه الملك الكامل شمس الدين سنقر ، وهكذا انقسمت دولة بيبرس إلى قسمين متحاربين في الشام ومصر ، وسار السلطان قلاوون إلى الشام ولاقاه سنقر الأشقر الذي فر باتجاه الرحبة وكان يرافقه أمير العرب وأمير سلمية ولحق قلاوون به فهرب إلى قلعة صهيون وانتهى الأمر بالصلح نتيجة ظهور التتار فجأة قرب الرقة فاعترف سنقر بسلطة قلاوون بحيث يكون سنقر نائبه في الشام 0 وعندما وصل التتار إلى حلب توجه قلاوون إليهم فهربوا إلى الأناضول ، وعندما عاد إلى مصر أعاد التتار هجومهم على الرصافة و وصولوا إلى أسرية ودخلوا سلمية فعاثوا فيها فسادا ، ثم وصلوا إلى الرحبة وضواحي دمشق وكان ذلك عام الويلات 683هـ/1284م ولم يستطيعوا فتح دمشق فاتجهوا إلى وادي التيم فملكوه0
- بعد عام سار السلطان قلاوون إلى الشام واستخلصها من الفرنجة الاسبارتيين فرسان المشفى وفتح طرابلس الشام 0
- اعتلى السلطنة الأشرف صلاح الدين خليل بعد وفاة والده قلاوون وتابع خطته في مقارعة الفرنجة وفتح عكا وصيدا وصور وبيروت وهكذا لوحت في عام 690هـ/1291م أعلام النصر على الفرنجة ، في فترة ساد الاغتيال بين أعضاء أسرة القلاوونيين وكان منهم الملك الأشرف ووصل إلى الحكم الملك الناصر 0
- عاد التتار سنة 699هـ/1299م بقيادة غازان بن أرغون خان بن هولاكو حفيد جنكيز خان واتجه نحو بلاد الشام فعبروا الفرات ثم حلب وحماه و مروا بسلمية فهرب أهلها عن أخرهم متجهين إلى حماة وحمص ، وسار التتار باتجاه دمشق ولما كانت قلعة دمشق محصنة ، استعصت على التتار، فكان نصيب دمشق الحرق والهدم والسلب والسبي 0
- عاد غازان فهاجموا إلى تبريز خوفا على حكمه من التمرد ضده ، واغتنم الأرمن فرصة الفوضى والضعف فاهجموا الشام وتوقفوا عند نهر جيحان ، ولكن التتار عادوا إلى بلاد الشام فتداعى أمراء مصر والشام وتجمع الجيش بقيادة استدمر الكرجي نائب السلطان وجرت المعركة شرقي حمص ، فانهزم التتار ، ولكنهم تجمعوا ثانية بقيادة قطلوشاه نائب غازان وعاد إلى حماة وجرت معركة رهيبة وتم طرد التتار حتى الفرات ، وكانت النتيجة غياب التتار عن الساحة0
- قام السلطان الناصر بمهاجمة الأرمن وهزمهم وطردهم خارج بلاد الشام ، وشكل جيشا في الشام ، على قيادة إسماعيل بن علي الملقب بابي الفداء كأمير عام 710هـ/ 1310م 0
- سلمية في عهد إمارة العرب ( البدو) :
- بعد أن منح السلطان قطز سلمية لأمير العرب مهنا بن عيسى غدت ضامرة ومسرحا للحروب والغزوات وخاصة أن أمير العرب بدا يشكل خطرا على المدن مثل حماة وحمص ومعرة النعمان وحلب ، وعندما حاول أمراء المدن التعاون لجأ سليمان بن مهنا بن عيسى إلى التتار يتعاون معهم ، وفي عام 720هـ تم الهجوم على مصدر قوة البدو في إمارة آل عيسى فانهزموا وخرجوا من سلمية ، فعين السلطان الناصر محمد ابن أبي بكر مكان آل مهنا0
- في عام 748هـ ـ قامت فتنة بين العرب من آل عيسى وأعدائهم، إذ قام سيف الدين بن الفضل أمير العرب بغزو احمد الفياض من أمراء العرب الشماليين ( شرقي حلب ) انتهى الغزو إلى الفشل 0 فلاحق احمد الفياض قوات آل عيسى ودارت معركة قرب سلمية فتشتتت قوات سيف الدين بن الفضل ونهبت أمواله ووصل النهب إلى سلمية بأكملها ، وتابعت قوات أحمد الفياض إلى المعرة وحماة ، ونتيجة عدم الاستقرار والخوف هرب الفلاحون من الريف وزالت معالم الزراعة وانتشر الغزو والنهب من قبل البدو0
- قام السلطان صلاح الدين صالح وهو من ملوك الترك واحد أولاد محمد بن قلاوون بمهاجمة بيدر الخوارزمي الذي عصا عليه في حلب 0 وتشجع ليهاجم دمشق ، فجاء السلطان صلاح الدين صالحة بقواته وهزمه ، وعين بديلا عنه طشقمر المنصوري ، و كان هذا على خصومة مع الأمير جبار بن آل الفضل ، فسعى طشقمر المنصوري لقتال جبار ، وكان النصر حليف جبار ، مما أدى إلى تقوية شكيمة البدو ، ولم تضعف قوتهم إلا بعد ظهور مناوئين فيما بينهم وخاصة عندما ان__ر نعير بن مهنا أمير العرب أمام ابن عمه عثمان بن قارا في سنة 785هـ/1383م ونهبت أمواله الموجودة في سلمية ونهبت معها سلمية ، فأقفرت حتى من البدو والحضر معا ً0
- نتيجة ضعف الدولة المملوكية التركية في مصر ،والتمرد ضد السلاطين في مصر ، وفساد البدو وغزواتهم المستمرة ، خرجت بلاد الشام من سلطة حكامها ، وكان الأتابك برقوق قد جعل الأمر بيده فدعا القضاة في مصر والخليفة العباسي فيها وكانت نتيجة الحكم خلع الملك الصالح وإعلان سلطة الاتابكي برقوق عام 784هـ/1382م وبدأ بذلك نجم المماليك الجرا__ وأصبحت الدولة خليطا من جرا__ وأتراك وعرب مما زاد في التناقضات فأصبحت الدولة دولا وإمارات واقطاعات ، وانتشرت الفوضى وعدم الاستقرار مما مهد لنجاح التتار المغول بقيادة تيمورلنك 0الذي اجتاح البلاد ونشر الرعب والهلع والمآسي 0
* فترة تيمورلنك: ظهر تيمورلنك( ابن مؤسس مملكة المغول الثانية ) واجتاح الأرض بجيوشه الجرارة ، وأحالها خرابا بعد ازدهار وحضارة ، ووصل إلى العراق ودخل ارض الهند وأفغانستان وحارب السلطان العثماني بايزيد سنة 805هـ 1402م وسار باتجاه بلاد الشام في 802هـ و لاحق تيمورلنك الهاربين أمامه من حلب إلى حماه وعندلجوء هؤلاء إلى سلمية صب جام غضبه عليها فعمل فيها هدما وإحراقا، فأحرق قلعة الشميميس وهدم الأبراج والمعبر المؤدي لداخلها وقتل من كان فيها ولم تستطع سلمية حماية اللاجئين إليها فهرب أمير العرب وأصحابه من جحافل تيمورلنك إلى جبال البلعاس ولم يبق سوى مقام الإمام رضي الدين عبد الله 0
- خرج تيمورلنك من سلمية بدءاً من عام 803هـ 1400م بعد أن أحالها إلى دمار وغدت ركاما ، وغاصت سلمية في عالم النسيان 0 وجرت محاولة باءت بالفشل من قبل صالح الطلاع واصله من بني غنيم من قرية السخنة قرب تدمر ويسكن مدينة حماه وله نفوذ عند متصرفها و كان يمر بالمنطقة أثناء تسيير قوافل الحج بين حماه والحجاز ، فجاءت خمس اسر معه لتسكن حوضة سلمية ولكنهم لم يستمروا لان أعدادهم قليلة ولم يستطيعوا الوقوف في وجه القبائل ولم تساعدهم الدولة في ذلك الوقت وكان الجهل بالعمل الزراعي سببا أخر لعدم قدرتهم على الاستمرار وبعد خمس سنوات تركوا المنطقة التي عادت إلى سابق عهدها خرب خاوية إلا من البدو الرحل 0
- في فترة الاحتلال العثماني: أعلن الباب العالي للدولة العثمانية سنة 1846م عن مغريات لكل جماعة تبني قرى أو مدنا شرقي نهر العاصي لدرء خطر البدو على حماه وحمص وقدم الباب العالي مغريات مختلفة كالإعفاء من الضرائب والجندية والسماح بحمل السلاح للدفاع عن النفس وتقديم مساعدات مادية وعينية من اجل بناء المنطقة 0
- وهكذا صدر الفرمان السلطاني 14/شباط/ 1848بإعمار شرقي نهر العاصي حيث جاء الأمير إسماعيل إلى مدينة /مجيد آباد/ وهو الاسم الذي اقترحه متصرف حماه على المدينة الجديدة ، تيمنا باسم السلطان عبد المجيد صاحب فرمان الاعمار0وكان وصول بناة سلمية الحالية في أواخر حزيران 1848م وأقاموا في العراء ثم قاموا بتنظيف القلعة وحرق القش داخل القلعة وخارجها خوفا من وجود الأفاعي والحشرات ، وتوزعت الأسر وتميزت حياتهم بالتعاون في جمع الحطب والأعمال الزراعية ورعي الماشية 0 ثم توالت الهجرات من القدموس ومصياف ووادي العيون والخوابي ولم تستوعب القلعة الوافدين الجدد ، فاتجه بعضهم إلى الحمام بعد إصلاحه والبعض الأخر سكن الأقبية المتواجدة شرقي القلعة والبعض بنى القبب المخروطية ذات القاعدة الدائرية وهي قليلة التكاليف وسريعة الانجاز 0
- تصدى سكان سلمية للغزوات وأحيانا كان الأمير إسماعيل يتوسط في النزاعات بين القبائل التي كانت بينهما عداوة متأصلة قديمة ، ومع الأيام عدت القبائل ارض سلمية أرضا محرماًً الاقتتال فيها وهذا يعود لمكانة سكان سلمية الذين اتصفوا بالمرونة والحنكة والشجاعة والشهامة والكبرياء والمعاملة الطيبة 0
- وجد سكان سلمية إن اسم مجيد آباد لا يلائم واقعهم وعاد الاسم كما كان سلمية مدينة الرغيف والخصب والفتح الجديد والبقاع المعفاة من الضرائب والجندية والخالية من تحكم الإقطاع وبعد وفاة الأمير إسماعيل واستلام ابنه الأمير محمد مكان والده أميرا للسلميين ، قام برحلة كان من نتائجها قدوم عدد كبير من الأسر إلى سلمية التي توسعت وظهر فيها ما يشبه السوق وانتشرت زراعة الأشجار المثمرة ومنها الكرمة واللوزيات والتين وبعد ذلك بدأت مرحلة إعمار ريف سلمية 0
- وحسب مقتضيات الفرمان السلطاني الصادر من استانبول والذي بموجبه تم بناء سلمية الحديثة الحالية ، كانت مدينة مستقلة ذاتيا ضمن أملاك الدولة العثمانية 0
- في عام 1894م اتخذت متصرفية حماه إجراءً لحفظ الأمن في المدينة بوضع إدارة عسكرية دائمة فيها وسبب هذا الإجراء حدوث إشكال بين عائلتين 0 وبقيت هذه الإدارة العسكرية حتى عام 1906م حيث حلت محلها الإدارة المدنية بتعيين الأمير إسماعيل الشهابي من أمراء لبنان مديرا عام لمدينة سلمية 0
- قام الأمير إسماعيل الشهابي ببناء دار للحكومة في سلمية على شكل قصر مكون من طابقين وسحب من اجل ذلك حجارة قلعة سلمية وسورها ولم يبق من القلعة سوى جدار كان جزءا من بناء السجن 0
- استمرت الإدارة السياسية في سلمية إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى ، حتى أقرت حكومة فرنسا الاستعمارية جعل سلمية ( قائمقامية ) نتيجة لتوسعها عمرانيا وأهميتها كمركز في بادية الشام وحتى يتم استتباب الأمن فيها 0وسادت روح المحبة والأخوة والتعاون بين أهالي سلمية وجميع الوافدين من حمص وحماه وغيرهما ، وعلى هذه المبادئ انتشرت الحياة في ربوع سلمية الحديثة 0